الجمهورية الإسلامية الموريتانية شرف ـ إخاء ـ عدل

share

سم الله الرحمن الرحيم

وصلي الله علي نبيه الكريم.

 

السيد وزير العدل وحقوق الإنسان،

السيدات والسادة الوزراء، رؤساء الوفود المشاركة،

أصحاب السعادة السفراء،

سعادة السيدة مفوضة الشؤون السياسية بالاتحاد الإفريقي،

السيدة رئيسة اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب،

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

السيدات والسادة مندوبو الدول،

السيدات والسادة ممثلو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان،

السيدات والسادة ممثلو المنظمات الدولية والإقليمية،

السيدات والسادة ممثلو منظمات المجتمع المدني،

أيتها السيدات ، أيها السادة،

 

إن انعقاد الدورة الخامسة والخمسون للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب يمثل فرصة طيبة لأعرب باسم وفود الدول المشاركة عن أخلص التهاني للجنتنا الموقرة علي جودة العمل النبيل الذي تقوم به، خدمة للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها في القارة الإفريقية. وأنتهز هذه الفرصة لأعبر بداية عن ارتياحنا لمستوى التعاون المتميز مع اللجنة وآلياتها الخاصة.

 كما يطيب لي أن أتقدم بخالص الشكر للحكومة الآنغولية لاحتضانها لهذه الدورة وعلي كرم الضيافة وحسن الاستقبال اللذان حظينا بهما منذ قدومنا إلي العاصمة الجميلة لوندا.

 

السيدة الرئيسة،

أيتها السيدات، أيها السادة،     

علي قرار باقي القارات و التكتلات البشرية في العالم، تواجه قارتنا، بحكم ميزاتها و خصوصياتها، مجموعة من التحديات و الظواهر، ولتوضيح أفضل، أستشهد هنا بكلام صاحب الفخامة السيد/ محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية، رئيس الإتحاد الإفريقي،  عن حتمية تفعيل دور المنظمة القارية، حيث يقول: "استجابة للتحديات المحلية والدولية التي تتصدرها إشكاليات الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلي الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها كل دولة من دولنا منفردة، لمواجهة تحديات العصر، إلا أن الطبيعة العابرة للحدود لبعض التهديدات، تفرض علينا إيجاد مقاربات قارية تنصهر فيها جهودنا وجهود شركائنا الدوليين" أنتهي الاستشهاد.

 

إن هذا الوضع يحتم علينا العمل في سبيل التصدي لهذه التحديات، التي يأتي علي رأسها الفقر وما ينجر عنه من تهميش وإقصاء، كما يمثل الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والنزاعات المسلحة، والهجرة وما تخلفه من آثار سلبية علي الإقتصادات والمجتمعات الإفريقية وعلي الدول التي يقصدها المهاجرون، هاجسا قويا.

 وتفاديا لتنامي خطر الهجرة في أفريقيا، دعي فخامته إلي انعقاد مؤتمر دولي حول هذه الظاهرة، ذات البعد المأساوي الملحوظ، يتم تناولها من خلال مقاربة مشتركة، لدراسة كل جوانبها ووضع تصورات وحلول لمعالجة آثارها ومخلفاتها السلبية.

 

وحول ظاهرة التغيرات المناخية وما ينجم عنها من تدهور في المحيط البيئي، ومؤثرات سلبية علي حياة الشعوب، في شكل ندرة في الموارد بشكل عام وتقلص لوسائل الإنتاج وانتقاص الثروات الزراعية والحيوانية، التي تعتبر دعامة لدخل معظم سكان أرياف قارتنا، فقد عبر سيادته عن ذلك، حيث يقول : "أن الحفاظ علي البيئة، وتحقيق الأمن الغذائي لم يعودا اليوم مجرد طموح مشروع لبلداننا، بل أصبحا ضرورة ملحة، بالنظر للأزمات الغذائية المتكررة وللانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية".

 

واغتنم هذه الفرصة لأشيد هنا بالدور الفعال لمنظمات المجتمع المدني في بلداننا، كل علي حدة، لما تقوم به من اجل رفع التحديات ولبلوغ أهداف التنمية في قارتنا.

 

السيدة الرئيسة،

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن من يتابع حالة حقوق الإنسان في موريتانيا يلاحظ حتما التحول الكبير الذي شاهدناه في السنوات الأخيرة، بفعل الخطوات الهامة المتخذة في هذا مجال والتي شكلت مناخا ملائما لممارسة مختلف الحقوق والحريات.

 لقد مثل إعتماد نهج التشاور والحوار والانفتاح وكذا التعاطي الإيجابي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان مؤشرا واضحا علي أن أسلوبا وإرادة جديدين قد بدأ العمل بهما منذ انتخاب صاحب الفخامة السيد/ محمد ولد عبد العزيز رئيسا، وتوليه مقاليد الحكم في البلد.

 

حيث أصبح العمل منصبا علي تحقيق أهداف الألفية للتنمية وتعزيز الإنجازات في مجال تشييد البنية التحتية بشكل عام مع إعطاء الأولوية لقطاعات الصحة والتعليم للجميع ورعاية الأم والطفل، ضمن شؤون الأسرة وترقية المرأة و إدماجها في كافة النشاطات، وكذا العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، كما شكل رهان العناية بالشباب الموريتاني هدفا استراتيجيا تجسد مؤخرا في إنشاء مجلس أعلى للشباب، حيث أعطى فخامة رئيس الجمهورية تعليمات سامية لإدماج هذه الفئة في كل السياسات القطاعية.

 

أما فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية والسياسية، المجسدة لروح وقيم موريتانيا الجديدة، فيمكن أن نلمسها من خلال النص علي تجريم الاسترقاق في متن الوثيقة الدستورية وتصنيفه جريمة ضد الإنسانية، والتأكيد علي استقلالية القضاء والاعتراف بالتنوع الثقافي للبلد وعدة إصلاحات أخرى في مجال الممارسات السياسية، من بينها علي سبيل الميال لا الحصر  رفع نسبة مشاركة المرأة في المناصب الانتخابية واعتماد المشاركة في الانتخابات عبر الأحزاب السياسية وتشجيع تجديد الطبقة السياسية، الخ ...   

وتوجت هذه الجهود في المجال الإعلامي بتحرير الفضاء السمعي والبصري الذي تجسد في الترخيص لعدة قنوات فضائية ومحطات إذاعية تمارس نشاطها بكل حرية ومهنية، وقد أكد فخامة رئيس الجمهورية، في غير ما مناسبة، أن حرية الصحافة خيار لا رجعة فيه.

 

كما أصبح تحسين الظروف المعيشية للسكان الأكثر احتياجا في طليعة أولويات الحكومة علي المستوي الوطني، مما قاد في نفس الوقت، إلي القيام بإصلاح شامل للإدارة العمومية، قصد عصرنتها و تسهيل خدماتها و تقريبها من المواطن، كما صاحب هذه الأولويات إعلان حرب لا هوادة فيها علي الفساد والمفسدين.

ففي هذا الإطار تم وضع وتنفيذ برنامج "أمل" الذي يوفر المواد الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة علي عموم التراب لوطني منذ سنة 2012، وما زال متواصلا حتى ألان، و يأتي إنشاء الوكالة الوطنية "التضامن" لمحاربة آثار الاسترقاق وللدمج ولمحاربة الفقر في صفوف الفئات الفقيرة، تجسيدا عمليا لهذه التوجهات، وسيمكن تنفيذ برامجها المتنوعة والشاملة لعديد المناطق، من سد الفوارق وتوطيد اللحمة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني.

       

وسيتم تعزيز هذه الإجراءات المختلفة من خلال وضع خطة عمل وطنية لتنفيذ توصيات خارطة الطريق للقضاء علي مخلفات الاسترقاق والتي صادق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه بتاريخ 6 مارس 2014، والمقدمة من طرف مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأشكال الحديثة للاسترقاق.

    

السيدة الرئيسة،

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن قارتنا الإفريقية، إذ تعتز وتفتخر بتنوعها البشري والثقافي، الذي غدي عاملا للحمة و ارتباط مكوناتها الإنسانية، لماضية قدما في احترامها وتمسكها بكل التزاماتها في مجال حقوق الإنسان وبالتعاطي الإيجابي والفعال مع جميع الآليات المعمول بها في هذا الميدان. وفي هذا السياق ستقدم بلادي تقاريرها حول تنفيذ بنود الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب والاتفاقيات الإفريقية الأخرى التي صادقت عليها.

إن الجمهورية الإسلامية الموريتانية تتطلع باهتمام بالغ إلي المشاركة الفعالة في كافة الجهود الرامية لحماية وترقية حقوق الإنسان والشعوب علي المستوى القاري، ولذا سيكون لها الشرف باحتضان إحدى الدورات القادمة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

     

السيدة الرئيسة،

في الأخير، لا يفوتني في هذا المقام، إلا أن أوجه جزيل الشكر لكم شخصيا، ولكافة أعضاء اللجنة الموقرين، علي مدي حرصكم والتزامكم المعهود لخدمة القضايا العادلة لحقوق الإنسان والشعوب في إفريقيا، ولدعمكم المستمر لكل أولئك الذين يدافعون، دون كلل، من أجل احترام حرية وكرامة الإنسان.

 

                                 أشكركم جميعا علي حسن الانتباه،

والسلام عليكم و رحمة الله تعالي وبركاته.